إدارة الشئون الفنية
وآتوا الزكاة

وآتوا الزكاة

31 مارس 2023

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 9 من رمضان 1444هـ - الموافق 31 / 3  / 2023م

] وَآتَوُا الزَّكَاةَ [

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ -أَيُّهَا النَّاسُ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ الْجَلِيلِ الدَّيَّانِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَالرِّضَا بِمَا قَسَمَ الْكَرِيمُ الرَّحْمَنُ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[ [الأحزاب:70 – 71].

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

إِنَّ الزَّكَاةَ فَرِيضَةٌ مِنْ فَرَائِضِ الْإِسْلَامِ، وَرُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ الْخَمْسَةِ الْعِظَامِ، وَقَدْ قُرِنَتْ بِالصَّلَاةِ فِي غَيْرِ
مَا آيَةٍ، وَكَمْ جَعَلَ اللهُ فِيهَا مِنْ حِكْمَةٍ وَسِرٍّ وَغَايَةٍ ! قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
]وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ[ [البقرة:43]، وَقَالَ تَعَالَى: ]خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا[ [التوبة:103].

فَالزَّكَاةُ تُطَهِّرُ الْمَالَ وَتُزَكِّيهِ، وَتَزِيدُهُ بَرَكَةً وَتُنَمِّيهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ].

وَهِيَ تُزَكِّي أَخْلَاقَ الْمُسْلِمِ مِنَ الشُّحِّ وَالْبُخْلِ، وَهِيَ بَرَكَةٌ لَهُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَتَدْفَعُ مَصَارِعَ السُّوءِ عَنْ صَاحِبِهَا، وَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ عَنْ فَاعِلِهَا؛ فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَـبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ» [أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ]، وَهِيَ سَبَبٌ لِدَفْعِ الْبَلِيَّاتِ، وَنُزُولِ الْخَيْرَاتِ، وحُلُولِ الْبَرَكَاتِ؛ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا» [أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ].

وَأَهْلُ الزَّكَاةِ الْبَاذِلُونَ لَهَا عَنْ إِيمَانٍ مِنْهُمْ وَطِيبِ نَفْسٍ: مِمَّنْ لَا يَخَافُونَ مِمَّا هُوَ آتٍ، وَلَا يَحْزَنُونَ عَلَى
مَا فَاتَ، وَهُمْ مَوْعُودُونَ بِجَنَّةٍ عَرْضُهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَوَاتُ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى
: ]إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ[ [البقرة:277]. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ: «اتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ: تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ]. وَقَدْ جَعَلَ اللهُ إِيتَاءَ الزَّكَاةِ غَايَةً مِنْ غَايَاتِ التَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ؛ قَالَ تَعَالَى: ]الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ[ [الحج:41].

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ:

إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ بِقَدْرِ الَّذِي يَسَعُ فُقَرَاءَهُمْ، وَلَنْ يَلْحَقَ الْفُقَرَاءَ مِنَ الْجَهْدِ وَالْمَشَقَّةِ وَالْجُوعِ وَالْعُرْيِ إِلَّا بِبُخْلِ الْأَغْنِيَاءِ، أَلَا وَإِنَّ اللهَ يُحَاسِبُهُمْ حِسَابًا شَدِيدًا، وَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا، وَقَدْ تَوَعَّدَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَانِعَ الزَّكَاةِ فَقَالَ: ] وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ[ [التوبة:34-35] . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ: مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ [نَابَانِ يَخْرُجَانِ مِنْ فَمِهِ، أَوْ نُقْطَتَانِ سَوْدَاوَانِ فَوْقَ عَيْنَيْهِ] يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلَا: ]وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ[» [آل عمران: 180] [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ] هَذِهِ عُقُوبَتُهُ فِي الْآخِرَةِ.

عِبَادَ اللهِ:

 وَأَمَّا عُقُوبَتُهُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَانِعَ الزَّكَاةِ إِمَّا أَنْ يَمْنَعَهَا جُحُودًا فَهُوَ خَارِجٌ عَنِ الْإِسْلَامِ؛ إِلَّا إِذَا كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ يُعْذَرُ لِجَهْلِهِ بِأَحْكَامِهِ.

وَإِمَّا أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ أَدَائِهَا- مَعَ اعْتِقَادِهِ وَجُوبَهَا- فَإِنَّهُ آثِمٌ إِثْمًا عَظِيمًا، وَمُرْتَكِبٌ جُرْمًا جَسِيمًا، وَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ قَهْرًا وَيُعَزِّرَهُ، وَقَدْ قَاتَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: (وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ) [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]. بَلْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ، وَنِصْفَ مَالِهِ، عُقُوبَةً لَهُ؛ لِحَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا مِنْهُ وَشَطْرَ مَالِهِ، وَقَالَ مَرَّةً إِبِلِهِ، عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ [أَيْ: حَقًّا مِنَ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ]، لَيْسَ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ].

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ،
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إِلَهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ الْأَمِينُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَتَزَوَّدُوا؛ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الدِّينِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى.

عِبَادَ اللهِ:

لَقَدْ بَيَّنَ الشَّارِعُ أَحْكَامَ الزَّكَاةِ فِي نُصُوصِ الْوَحْيَيْنِ، وَفَصَّلَهَا أَهْلُ الْعِلْمِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَالدِّينِ؛ فَتَنْبَغِي مَعْرِفَةُ أَحْكَامِهَا بِشَكْلٍ صَرِيحٍ؛ لِتُؤَدَّى عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ الصَّحِيحِ، فَالزَّكَاةُ تَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، حُرٍّ، مَالِكٍ لِلنِّصَابِ مِلْكًا تَامًّا.

وَالْأَمْوَالُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ هِيَ: الْأَثْمَانُ (الذَّهَبُ، وَالْفِضَّةُ) وَمِنْهَا رَوَاتِبُ الْمُوَظَّفِينَ، وَالزُّرُوعُ وَالثِّمَارُ، وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ، وَالسَّوَائِمُ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ)، وَالْمَعْدِنُ، وَالرِّكَازُ (وَهُوَ الْمَدْفُونُ مِنْ كُنُوزِ الْجَاهِلِيَّةِ). فَنِصَابُ الذَّهَبِ بِالْمَثَاقِيلِ: عِشْرُونَ مِثْقَالًا، وَيُعَادِلُ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ غِرَامًا تَقْرٍيبًا، وَنِصَابُ الْفِضَّةِ: مَائِتَا دِرْهَمٍ؛ أَيْ سِتُّمِائَةِ غِرَامٍ تَقْريبًا. وَفِي كُلٍّ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ.

وَنِصَابُ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ: خَمْسَةُ أَوْسُقٍ، وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ؛ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ صَدَقَةٌ، حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ]. وَيَجِبُ فِيمَا يُسْقَى بِلَا كُلْفَةٍ الْعُشْرُ، وَفِيمَا يُسْقَى بِكُلْفَةٍ نِصْفُ الْعُشْرِ.

وَأَمَّا الْعُرُوضُ- وَهِيَ مَا يُعَدُّ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِأَجْلِ الرِّبْحِ- فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا إِذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا. فَتُقَوَّمُ إِذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا بِالْأَحَظِّ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، فَإِنْ بَلَغَتِ الْقِيمَةُ نِصَابًا وَجَبَ رُبْعُ الْعُشُرِ، وَإِلَّا فَلَا. وَتَفْصِيلُ أَحْكَامِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي هَذِهِ الْأَمْوَالِ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ ذَكَرَهَا أَهْلُ الْعِلْمِ، وَتُصْرَفُ لِأَصْنَافٍ مَخْصُوصِينَ حَصَرَهُمُ اللهُ سُبْحَانَهُ فِي قَوْلِهِ: ]إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[ [التوبة:60].

وَمَنْ مَاتَ، وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِهَا؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «دَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَالْأَئِمَّةِ الْحُنَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ، أُولِي الْفَضْلِ الْجَلِيِّ، وَالْقَدْرِ الْعَلِيِّ: أَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثْمَانَ وعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِالْإِسْلَامِ قَائِمِينَ، وَاحْفَظْنَا بِالْإِسْلَامِ قَاعِدِينَ، وَاحْفَظْنَا بِالْإِسْلَامِ رَاقِدِينَ،  وَلَا تُشْمِتْ بِنَا أَعْدَاءً وَلَا حَاسِدِينَ، اللَّهُمَّ أَبْرِمْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَمْرَ رُشْدٍ،  يُعَزُّ فِيهِ أَهْلُ الطَّاعَةِ وَالْإِيمَانِ،  وَيُذَلُّ فِيهِ أَهْلُ الشِّرْكِ وَالْكُفْرَانِ، وَيُهْدَى فِيهِ أَهْلُ الْعِصْيَانِ،  اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَغَضِّ الْبَصَرِ وَحِفْظِ الْجَوَارِحِ مِنَ الْآثَامِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَ الْبِلَادِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ،  وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُمَا فِي طَاعَتِكَ وَرِضَاكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْكُوَيْتَ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً بِالْعَدْلِ وَالْإِيمَانِ، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ؛ إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ.

لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة

الرقعي - قطاع المساجد - مبنى تدريب الأئمة والمؤذنين - الدور الثاني